قبل 4 سنوات وفي مثل هذه الأيام جرت واحدة من أوسع الاحتجاجات الشعبية الإيرانية والتي واجهت قمعًا شديدًا من قبل نظام طهران. وأصبحت الاحتجاجات التي اندلعت على زيادة أسعار البنزين بنسبة 200% في 15 نوفمبر، تعرف باسم "نوفمبر 2019 الدامي". ولا تزل قضايا مفتوحة تتعلق بهذه الاحتجاجات.
احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في إيران جاءت ردا على الارتفاع المفاجئ والشديد في أسعار الوقود، لكنها سرعان ما اتخذت طابعا مناهضا للنظام. ونظمت مسيرات احتجاجية ضد النظام الإيراني في 29 محافظة ومئات المدن في غضون أسبوع.
وبحسب وكالة "رويترز"، فقد قُتل 1500 شخص خلال قمع هذه الاحتجاجات. رغم أن "وزير الداخلية في حكومة الرئيس الإيراني، حسن روحاني آنذاك، عبد الرضا رحماني فضلي، أكد مقتل نحو 225 شخصا".
وفي الأشهر التي تلت مذبحة نوفمبر 2019، أفادت منظمة العفو الدولية بأن "الأحياء الفقيرة في مدينة طهران مع 163 حالة وفاة، ومحافظة خوزستان مع 57 حالة وفاة، ومحافظة كرمانشاه مع 30 حالة وفاة، شهدت أكبر عدد من الضحايا في هذا القمع".
وبالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل ما لا يقل عن 6 آلاف حالة وفاة "مجهولة المصدر" في نوفمبر 2019.
وقال مراقبون إن "ارتفاع عدد عمليات القتل في هذه الاحتجاجات حدث بعد كلمة المرشد الإيراني علي خامنئي، يوم 17 نوفمبر، وأمره بقمع التجمعات الاحتجاجية بالعنف. والذي وصف وقتها المتظاهرين بـ"الأشرار ومعاديي الثورة والأعداء"، مؤيدًا قرار المجلس التنسيقي الاقتصادي للسلطات الثلاث بزيادة سعر البنزين.
وفي أعقاب إصدار خامنئي أمر القتل، في اليوم الثاني من الاحتجاجات التي عمت البلاد، انقطعت خدمة الإنترنت في المدن الإيرانية لمدة أسبوع، واشتد القمع.
وبحسب محللين، شكلت هذه الاحتجاجات حدثا مفاجئا وجديدا بالنسبة للنظام الإيراني، وواجهت القوى القمعية المتظاهرين وكأنها تواجه عدوا أجنبيا.
وفي الوقت نفسه، كتبت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أن "النظام الإيراني استخدم الأسلحة النارية بطريقة متعمدة ومميتة ولجأ إلى القوة بشكل غير متناسب".
كما أكدت منظمات حقوقية في تقاريرها أن "العديد من الرصاصات أطلقت على رؤوس ووجوه المتظاهرين".
وبعد أسبوعين من هذه الاحتجاجات، أكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، من خلال التحقق من الصور، أن "قوات أمن النظام الإيراني أطلقت النار مباشرة على وجوه المتظاهرين الفارين، أو على رؤوسهم من الخلف، أو على أعضائهم الحيوية، من أسطح المباني والمروحيات".
وبحسب تقارير المؤسسات والمنظمات الحقوقية، فقد تم خلال هذه الاحتجاجات اعتقال ما لا يقل عن 8600 شخص في محافظات مختلفة، وتم إطلاق سراح العديد منهم بكفالة بعد فترة قصيرة.
وفي عام 2020 وصف المقرر الخاص لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لشؤون إيران، جاويد رحمن، المعاملة "العنيفة للغاية" لقوات أمن النظام الإيراني ضد المتظاهرين بـ"غير المسبوقة والمدهشة"، معلنًا عن "تعذيب المعتقلين".
وفي تقرير آخر، أعلنت منظمة العفو الدولية أن "الإعدام بالوهم، والصدمات الكهربائية، والخنق بالماء" هي أساليب تعذيب يستخدمها النظام الإيراني للحصول على اعترافات قسرية من المتظاهرين المحتجزين.
وخلال الإجراءات غير العادلة، حُكم على بعض المعتقلين بالسجن لفترات طويلة تتراوح بين 7 و8 سنوات دون السماح لهم بتواصل مع محام من اختيارهم.
كما حُكم على عدد آخر من المتظاهرين بالإعدام في قضايا مختلفة ودون أدلة وبراهين صالحة حتى من قبل السلطات القضائية للنظام الإيراني، لكن هذه الأحكام تم إلغاؤها في محاكم الاستئناف.
وبعد 4 سنوات، لا تزال قضايا بعض المتهمين مفتوحة، وتعرض بعض أهالي القتلى، مثل أحد ضحايا الاحتجاجات الذي يدعى بويا بختياري، للضغط والسجن بسبب المطالبة بالعدالة.
وقبل نحو أسبوعين، أفادت بعض المصادر أن "منوشهر بختياري، والد بويا، حكم عليه بالسجن 6 أشهر في قضية جديدة بتهمة "إهانة" المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي رُفعت ضده أثناء فترة سجنه.
واعتقل منوشهر بختياري، عام 2021 وحكم عليه بالسجن 3 سنوات ونصف بعد احتجاجه المتكرر على مقتل ابنه، وإصراره على متابعة ومعاقبة الجناة.
وبالإضافة إلى منوشهر بختياري، حكم الفرع الأول لمحكمة الثورة في كرج، على زوجته السابقة ووالدة بويا، ناهيد شيربيشه، بالسجن لمدة 5 سنوات العام الماضي.
كما واجه أفراد آخرون من عائلة بويا بختياري ضغوطًا ومواجهات أمنية واستدعاءات واعتقالات من قبل النظام الإيراني، خلال السنوات الأربع الماضية.
وقُتل بويا بختياري 27 عاما، على يد قوات أمن النظام الإيراني، في مهرشهر كرج، يوم 16 نوفمبر 2019، خلال الاحتجاجات التي عمت البلاد.
وتتعلق إحدى القضايا المفتوحة للاحتجاجات الإيرانية في نوفمبر 2019، بالسجين السياسي المحكوم عليه بالإعدام في سجن مدينة معشور، عباس دريس، والذي تم إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه مؤخرًا.
وحكمت محكمة الثورة العام الماضي على عباس دريس بـ"الحرابة" بتهمة إطلاق النار وقتل ضابط شرطة، وأصدرت بحقه حكم الإعدام.
وفي الاحتجاجات الإيرانية في نوفمبر 2019، كانت مدينة معشور، والبلدات المحيطة بها أحد مراكز الاحتجاجات، ونشرت تقارير مختلفة حول إطلاق النار على المتظاهرين هناك.