أثار نشر وثيقة "سرية للغاية" لتعميم وزارة الداخلية الإيرانية بشأن "حارسات الحجاب" في صحيفة "اعتماد" ورفع دعوى قضائية ضد هذه الصحيفة ردود فعل واسعة. وجاء في جزء من هذه الوثيقة أن "وزير الداخلية طالب بالتعامل مع النساء المعارضات للحجاب الإجباري والتقاط صور لهن"، بهدف تشويه سمعتهن.
ونشرت صحيفة "اعتماد"، السبت، صورة لتعميم "سري للغاية" من وزارة الداخلية بشأن حارسات الحجاب، يبين أن تواجد هذه القوات كان بطلب من وزارة الداخلية نفسها.
وبعد نشر هذا التعميم، أعلنت وكالة "ميزان" للأنباء التابعة للقضاء الإيراني، أن مكتب المدعي العام في طهران "أعلن تجريم هذه الصحيفة بسبب النشر غير القانوني لوثيقة سرية وتم تشكيل ملف قضائي في هذا الصدد".
وكتب المحامي كامبيز نوروزي، اليوم الاثنين، في مقال بصحيفة "اعتماد" مستشهدا ببنود من القانون تقول: إن سرية تعميم "حارسات الحجاب" ليس قانونيا ولا يمكن اعتبار نشر مثل هذا التعميم مثالا على نشر وثيقة سرية.
وأعلن الناشط الإصلاحي والمحلل السياسي، عباس عبدي، على موقع "إكس" الاجتماعي، حول رفع دعوى قضائية ضد صحيفة "اعتماد"، من خلال نشر نص المادة 4 "قانون عقوبة نشر وإفشاء الوثائق السرية وأسرار الدولة"، والمادة 11 "قانون النشر وحرية الحصول على المعلومات"، وكتب أنه بموجب هاتين المادتين من القانون ليس من الصواب تصنيف تلك الوثيقة على أنها سرية، وإذا كانت هناك وثيقة سرية، فإن ذلك يحتاج طلبا من الوزارة أو المنظمة المختصة.
واعتبر الصحافي حسن نمكدوست سرية وثيقة وزارة الداخلية بشأن "الحجاب الإجباري" مخالفة واضحة لقانون النشر وحرية الحصول على المعلومات.
كما كتب ميلاد علوي، مراسل صحيفة "شرق"، على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي، في إشارة إلى إعلان النيابة تجريم صحيفة "اعتماد": "النائب العام هو المدعي لعموم المواطنين، وليس مدعيا للنظام".
وجاء في تعميم وزارة الداخلية الذي نشر في 30 مايو (أيار) والموجه إلى بعض مؤسسات النظام الإيراني، بما في ذلك بلدية طهران وشركة مترو العاصمة: "دخول الأشخاص في الأماكن الخاضعة لإشراف الحكومة يتطلب مراعاة الحجاب القانوني".
ويضيف هذا التعميم أنه في المراكز مثل محطات المترو، يجب منع دخول الرجال إلى عربات النساء، ويجب أن يتم التصوير في جميع أنحاء مترو الأنفاق وداخل العربات، و"تحضير المستندات للمخالفين على الفور".
وكتبت صحيفة "اعتماد" أنه يبدو أن الأساس القانوني لنشاط حارسات الحجاب في مترو الأنفاق وفي العديد من المؤسسات التنفيذية والخدمية والعامة يستند إلى تعميم أصدرته وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) الماضي.
وأكد محسن برهاني، المحامي وأستاذ القانون، ردا على هذه الحادثة: "منذ أشهر، في 30 مايو 2023 أصدر وزير الداخلية قرارا مخالفا للقانون بختم (سري للغاية) وتورط فيه آلاف الأشخاص. والآن بعد أن نشرت صحيفة اعتماد صفحة واحدة فقط من هذا القرار غير القانوني، فإنهم يشعرون بالاستياء".
وقال عضو هيئة تحرير "إيران إنترناشيونال"، علي حسين قاضي زاده، إن السؤال الأهم فيما يتعلق بنشر الوثيقة السرية من قبل صحيفة "اعتماد" هو أنه بموجب أي قانون، وضعت وزارة الداخلية ختم "سري للغاية" على هذا التعميم؟
وبحسب تقرير وكالة أنباء "إرنا"، قال محمد حسين طاهري آكردي، أمين مقر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يوم السبت 21 نوفمبر (تشرين الثاني): "بحسب التقارير الواردة فإن عدد الأشخاص الذين يقدمون تحذيرات شفهية يزيد على 2850 من القوى الثورية والجهادية التي تعمل في سبيل الله".
ولم تقدم السلطات الإيرانية حتى الآن تقريرا عن إحصائيات حارسات الحجاب الذين يقدمون "تحذيرات شفهية"، ولم يذكر هذا المسؤول الحكومي المصدر الذي اعتمد عليه في إحصائياته.
ووفقا لمصادر حقوق الإنسان، فإن أرميتا غراوند، وهي طالبة مراهقة توفيت منذ وقت ليس ببعيد، بعد أن كانت قد دخلت في غيبوبة نتيجة اشتباك مع حارسات الحجاب في مترو أنفاق طهران.
يذكر أن قضية وجود قوات حكومية تعرف باسم "حارسات الحجاب" ومهمتها التعامل مع النساء والفتيات غير الملتزمات بالحجاب الإجباري في أماكن مختلفة، وخاصة محطات المترو، استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام والناشطين في مجال حقوق المرأة لفترة طويلة.
وسبق أن كتب موقع "دیده بان إيران" أنه لا بلدية طهران ولا وزير الداخلية يتحملان مسؤولية هذه القوات، كما قال أحمد صادقي، عضو مجلس بلدية طهران، في 23 نوفمبر، إنه إذا كانت حارسات الحجاب قوة شعبية فلا يجوز لهن التمركز في مترو الأنفاق دون تصريح.
وحتى اليوم، لم يتحمل النظام الإيراني مسؤولية مقتل أولئك الذين اعترضوا على "الحجاب الإجباري" وقمع منتقدي هذه السياسة.
ورغم الإجراءات الأمنية والقمعية التي يتخذها النظام، إلا أن النضال المدني للنساء ضد "الحجاب الإجباري" مستمر، وتقول الكثيرات منهن إنهن لن يتنازلن عن حقهن في "حرية الحجاب".