كشفت دراسة مفصلة أجرتها مجموعة من المتخصصين والخبراء حول أزمات التعليم في إيران أن نظام التعليم يعاني من "أزمة جودة وعدالة وشرعية"، وأن سياسات الحكم أدت إلى عدم الكفاءة وتفاقم المشكلات في هذا المجال.
ونشرت صحيفة "اعتماد"، يوم الأربعاء 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، ملخصًا للتقرير التفصيلي الذي أعدته مجموعة مكونة من 50 من الباحثين والخبراء ومديري المدارس والمعلمين والنشطاء في مجال التربية والتعليم، والذين اجتمعوا بناءً على دعوة من محمد خاتمي، الرئيس السابق لإيران.
وبحسب صحيفة "اعتماد"، فقد ركزت هذه المجموعة على "تبادل الآراء" لمناقشة الأزمات وتحليل إخفاقات نظام التعليم وقدرته على حل المشكلات، وذلك للإجابة على سؤال ما إذا كان هذا المجال يعمل في اتجاه "التنمية المستدامة" والكرامة الإنسانية"؟
وبحسب الإحصائيات الرسمية، يبلغ عدد التلاميذ في إيران حوالي 16 مليون تلميذ.
وشددت المجموعة في جزء من تقييمها على ضرورة إعادة النظر في المؤسسة التعليمية وصياغة مشكلات وأزمات التعليم الكثيرة في شكل ثلاث أزمات، هي: "الجودة والعدالة والشرعية".
انخفاض جودة التعليم وارتفاع معدل الأمية
تظهر نتائج هذا البحث أن نظام التعليم لم يفشل فقط في توفير جودة التعلم، بل إن الأهداف الأساسية، أي تطوير المعرفة الأساسية بما في ذلك القراءة والكتابة والعلوم والرياضيات، ليست في وضع مناسب.
وبناء على نتائج تقييم "بيرلز" الدولي، كتبت "اعتماد" في "معرفة القراءة" أن حوالي 40% من التلاميذ الإيرانيين لم يتمكنوا من الحصول على الحد الأدنى من درجات المعيار، ولهذا السبب لم تحصل إيران على مرتبة أفضل من 53 من أصل 57 دولة.
لقد تسرب حوالي مليون طفل ومراهق في سن المدرسة من التعليم، كما فقد عدد كبير من الأميين الذين يبلغ عددهم حوالي 18 مليون شخص فرصة التعلم الجيد.
وفي وقت سابق، أعلن يوسف نوري، وزير التربية والتعليم الأسبق، في برنامج تلفزيوني، عن وجود 9 ملايين أمي مطلق في إيران.
وبحسب قوله، وفقا لآخر التقارير، هناك حوالي 820 ألف شخص "متسربين من التعليم"، و160 ألفا و373 طفلا غير ملتحقين بـ"المرحلة الابتدائية".
وبحسب بحث نشرته "اعتماد"، بالإضافة إلى محو الأمية الأساسية، تم أيضًا رصد جودة الدورات التعليمية في عدة تقارير، مما يوضح الحالة غير المواتية للمناهج الدراسية.
على سبيل المثال، كان متوسط درجات الامتحانات النهائية للصف الثاني عشر دائمًا أقل من 13 في السنوات الأخيرة.
غياب العدالة التعليمية ونقص في المرافق الصحية
تظهر نتائج هذا البحث أنه بالإضافة إلى التلاميذ، فإن القدرات النوعية والكمية للمعلمين تواجه أيضًا نقاط ضعف خطيرة. بحيث إن حوالي 34% من الفصول الدراسية لا تتمتع بالقدر الكافي من المعلمين.
ومن بين إجمالي 106,000 مدرسة حكومية، لا يوجد لدى أكثر من 8% منها مراحيض، وأكثر من 11% منها ليس لديها مياه صالحة للشرب.
ووفقا للتقارير، فإن فرص التعلم للأطفال والمراهقين في مناطق ومدارس مختلفة في المدن والقرى في المحافظات الغنية والفقيرة ليست بنفس الجودة أو قريبة من بعضها البعض، ولا يتمتع الجميع بفرص متساوية في الحصول على التعليم.
وأظهرت نتائج بحث هذه المجموعة أن تكثيف عملية خصخصة التعليم، واختبار القبول بالجامعات (الذي يجتازه أصحاب الإمكانات المالية بسهولة أكثر) قد أدى إلى تفاقم الفجوة التعليمية.
كثافة الفصول الدراسية، وربط المدرسة بالإنترنت، ووجود المعدات المدرسية وورش العمل المتخصصة مثل أجهزة الكمبيوتر هي بعض الأشياء التي لها توزيع غير متكافئ للغاية في جغرافية إيران.
وفي 22 سبتمبر (أيلول) من العام الجاري، تحدثت صحيفة "شرق" عن أوضاع الأطفال العاملين في بلوشستان والتسرب من المدارس بعد المرحلة الابتدائية، وكتبت أن المسافة بين بعض القرى في هذه المحافظة والمدرسة تتراوح ما بين 20 إلى 50 كيلومتراً.
ويظهر التقرير الأخير لمركز أبحاث البرلمان أيضًا أن أكبر عدد من المتسربين من المدارس ينتمي إلى بلوشستان، حيث لا يستطيع العديد من مواطنيها الوصول إلى المدارس أو يدرسون في أكواخ.
أزمة الشرعية وتوجهات النظام التعليمي
تظهر نتائج البحث لهذه المجموعة المكونة من 50 شخصًا أن التعليم يعاني أيضًا من "أزمة الشرعية"، وتعني أن هناك "فجوة خطيرة" بين توقعات الأسرة والتلميذ من جهة وتوجهات النظام التعليمي من جهة أخرى.
وجاء في جزء من هذا البحث: "إلغاء حرية الاختيار، وتعزيز أساليب الولاية والهيمنة، والإجراءات التي تعمل على تربية تلاميذ مطيعين قد تغلغلت تدريجياً في نسيج النظام التعليمي".
وخُصص جزء آخر من هذا البحث للعثور على جذور هذه الأزمات الثلاث.
وبحسب ما قاله الباحثون فإن "التصميم الخاطئ والنظرة الجزئية وغير المنهجية" لمكونات النظام التعليمي تسبب في عدم قدرة التعليم على تحقيق أهدافه النوعية.
وأكدت هذه المجموعة أن نظام الحكم ليس لديه فهم واضح لرسالة التعليم، ومن ناحية أخرى، أصبح التعليم ساحة لتحقيق الأهداف اليومية للحكام في الساحة السياسية.
ومن بين المشكلات الأخرى التي فرضتها الحكومة في هذا المجال، التغييرات المتتالية في الكتب المدرسية لصالح الأفكار السياسية، والتدخلات الواسعة في نظام تدريب المعلمين، وفرض القوى البشرية على التعليم.