أصدرت "لجنة النضال من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين" تقريرها العاشر الذي تناول التعذيب بالأدوية في السجون الإيرانية، وتضمن روايات معتقلي حركة "المرأة، الحياة، الحرية" عن تعرضهم لـ"التعذيب بالأدوية"، وآثاره وأبعاده؛ من بينها وفاة السجناء بعد إطلاق سراحهم.
وفي هذا التقرير، الذي جاء تحت عنوان "التعذيب بالأدوية، القتل العمد والصامت من قبل النظام"، تمت مناقشة تعذيب السجناء بالأدوية في السنوات الأخيرة، مما يوضح "الطبيعة المنهجية" لهذا النوع من التعذيب في إيران. وأُخذت نتائج هذا التقرير من شهادة معتقلي احتجاجات العام الماضي والسجناء السياسيين السابقين.
وأكدت هذه الشهادات أن "استخدام التعذيب بالأدوية ليس استثناءً، بل هو أسلوب شائع ومنتشر في سجون النظام الإيراني".
ودعت "لجنة النضال من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين" المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة للتحقيق في هذا النوع من التعذيب والوفيات اللاحقة، ومحاسبة النظام الإيراني على جرائمه ضد السجناء السياسيين.
ووفقًا للبحث المكثف الذي أجرته "لجنة النضال من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين" في إيران، فقد زاد استخدام "التعذيب بالأدوية" بشكل مثير للقلق في الفترة من 2022-2023 في نفس وقت الاحتجاجات الإيرانية العام الماضي ضد نظام طهران.
وفاة سجناء بعد إطلاق سراحهم
وتوفي عدد من المعتقلين خلال احتجاجات العام الماضي بعد إطلاق سراحهم، وذكر النظام الإيراني أن "سبب هذه الوفيات هو "الانتحار" أو "تعاطي المخدرات" أو "الموت المفاجئ".
وتم دفن هؤلاء الضحايا بحضور مكثف لقوات الأمن والاستخبارات، ولم يتم التحقيق رسميًا في أي من هذه الحالات من قبل مسؤولي النظام الإيراني. كما لم يُسمح للعائلات أيضًا بالتحقيق بشكل مستقل في وفاة أبنائها.
وقام النظام الإيراني بشكل متعمد ومنهجي بإخضاع المزيد من السجناء السياسيين لـ"التعذيب بالأدوية" عن طريق إرسال السجناء في بعض الأحيان إلى مراكز الطب النفسي و"استخدام الأدوية المضادة للذهان كشكل من أشكال التعذيب".
وفي السابق، اعتاد حراس السجن على إعطاء المهدئات للسجناء، ولكن منذ الاحتجاجات التي شهدتها البلاد العام الماضي، تغيرت هذه الممارسة إلى الأعمال العنيفة والقسرية للأدوية غير المرغوب فيها.
وأعلن السجناء المفرج عنهم مؤخرًا لـ"لجنة إطلاق سراح السجناء السياسيين" في إيران أنه "أصبح من الشائع الآن إطعام السجناء قسراً بالمخدرات كجزء من التعذيب النفسي والجسدي لانتزاع الاعترافات".
إضافة المخدرات لطعام السجناء
ومن ناحية أخرى، ترددت أنباء عن إضافة المخدرات إلى طعام السجناء ومياه الشرب، وإدمان العديد من السجناء في السجن، واستمرت عواقب ذلك بعد إطلاق سراحهم.
ونشرت "لجنة النضال من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين" بيانا قبل حوالي 4 أشهر قالت فيه إن "إيران تعرض السجناء السياسيين للتعذيب النفسي والجسدي بـ"المخدرات نفسانية التأثير"، وقتلت عددا من المتظاهرين دون الحاجة إلى الإعدام.
وذكرت الصحافية المسجونة في سجن إيفين، ويدا رباني، في رسالة بتاريخ 25 مايو (أيار) هذا العام، أنه "في سجن قرجك، يتم توزيع المهدئات على السجناء بعربة يدوية تسمى "عربة السعادة".
وكتبت رباني: "سمعت أنهم في سجن قرجك أمروا بإعطاء سجناء احتجاجات العام الماضي المهدئات بقدر ما يريدون. منها بوكسايد، كلونازيبام، ترانكوبين، و.. والتي تم توزيعها كالحلوى".
وذكر مغني الراب سامان ياسين (25 عامًا)، الذي تم نقله إلى مستشفى "أمين آباد" للأمراض النفسية (رازي)، يوم 22 يوليو (تموز) من هذا العام، بعد اعتقاله خلال احتجاجات العام الماضي، بأمر من القاضي أبو القاسم صلواتي، في رسالة نشرت يوم 29 يوليو (تموز)، التعذيب بالأدوية في مستشفى "أمين آباد" للأمراض النفسية.
وبحسب هذه الرسالة، بعد أن "قاوم هذا السجين السياسي الحقنة، قام رجال الأمن بضربه وهو مقيد في السرير".
وأكد ياسين في رسالته أنه "ظل غائبا عن الوعي لأكثر من 24 ساعة بعد حقنه بعقار مجهول، وبعد استعادة وعيه تعرض لمشكلات في الرؤية وعدم توازن".
وقال مغني الراب المسجون إنه "خلال 10 أشهر من اعتقاله حتى ذلك الحين، أجبروه على تناول الدواء، وحقنه عدة مرات للاعتراف والضغط عليه".
وبحسب سامان ياسين، فإنه "بعد إعادته إلى السجن من مستشفى رازي يوم 25 يوليو (تموز)، كان لا يزال يُعطى "حبوبًا مجهولة وغريبة رفض تناولها".
تقارير من جميع سجون إيران
وبالإضافة إلى هذين الشخصين، قامت "لجنة النضال من أجل تحرير السجناء السياسيين" بجمع تقارير حول العديد من السجون في جميع أنحاء إيران، بما في ذلك في طهران، وبلوشستان، وأذربيجان الغربية، وكردستان، وخوزستان، وقم، وغيرها من المحافظات.
وقال السجناء في هذه التقارير إن "حراس السجن خلطوا بعض الأدوية أو العقاقير في مشروباتهم، مما أدى إلى إصابتهم بحالات هذيان، وفي بعض الحالات فقدان الوعي".
ولم يتمكن العديد منهم من التعرف على أسماء الأدوية، لكن عددا قليلا من السجناء ذكروا أدوية مثل الديازيبام، والألبرازولام (زاناكس)، والهالوبيريدول، والكلورديازيبوكسيد، والكلونازيبام، والترانكوبين، والليثيوم.
ولم يرد في التقرير أسماء المعتقلين الستة، في الاحتجاجات الإيرانية العام الماضي، الذين قدموا قصصهم.
ومع ذلك، وبحسب المعلومات المنشورة، فإن من بينهم 3 نساء و3 رجال، تتراوح أعمارهم بين 18 و22 و24 و27 و28 و33 عاما.
وبالإضافة إلى هؤلاء الأشخاص، أشار هذا التقرير أيضًا إلى روايات عدد من السجناء السياسيين الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم بالأدوية قبل الاحتجاجات الإيرانية العام الماضي.
وسبق أن "أبلغ بعض السجناء السياسيين مثل سهيل عربي، وهاشم خواستار، وكيانوش سنجري، عن عمليات التعذيب هذه".
وبحسب هذا التقرير، اعتمد النظام الإيراني في العقود الأربعة الماضية على العقاقير ذات التأثير النفساني والمهدئات كأداة لتنظيم ومراقبة الأوضاع داخل السجون.
وكان استخدام هذه الأدوية في بعض الأحيان بناء على طلب السجناء، ولكن بسبب الظروف غير المحتملة التي تحكم "التعذيب بالأدوية"، فقد استهدف بشكل رئيسي السجناء السياسيين المعروفين، وفي بعض الحالات أدى ذلك إلى وفاة السجين.
وفي وقت سابق، أفادت منظمة العفو الدولية بوفاة العديد من السجناء السياسيين أثناء الاحتجاز عام 2018، وقالت منظمة "التحرر من التعذيب"، في تقريرها لعام 2017، إن "10 في المائة من المرضى تعرضوا للتعذيب بالأدوية في السجون الإيرانية".
ويتم التعذيب بالأدوية باستخدام العقاقير ذات التأثير النفساني أو المخدرات لمعاقبة السجين أو انتزاع معلومات منه أو إخضاعه عن طريق التسبب في المزيد من الألم والقلق والرعب والاضطرابات العقلية والشلل والهلوسة وجنون العظمة والإدمان.
ووصفت "لجنة النضال من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين"، في تقريرها، التعذيب بالمخدرات بأنه "أبشع أشكال التعذيب لأنه لا يُستخدم العنف فيه، ولا توجد علامات ظاهرة تثير شبهة التعذيب، ويتم إخفاء آثاره عن طريق تلويث الأشخاص بالمخدرات قسرا".
وبحسب هذا التقرير، فإن "معظم السجناء لا يعلمون بتلقيهم المخدرات، لأنها عادة ما تتم سرا ومن خلال طعامهم وشرابهم مع مرور الوقت".
وبعد دخول الدواء إلى جسم السجين، سيتعرض لآثار جانبية مختلفة، بما في ذلك فقدان الوعي، وفقدان الذاكرة، والهذيان، واضطرابات النطق، والهلوسة، والخدر، والخمول، والقلق والذعر، وفي الحالات الشديدة، الوفاة.