انتقدت شخصيات ووسائل إعلام إيرانية عديدة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضد رجل إيراني مسن يدعى صادق باقري، بدعوى رقصه وغنائه في الأماكن العامة، وقد أثارت هذه الإجراءات غضب الكثيرين بسبب قمع النظام لحرية الأفراد.
وسأل أستاذ علم الاجتماع بجامعة طهران، فيروز زاهد، السلطات في بلاده عبر تعليق على منصة "إكس": "لماذا أنتم منزعجون لهذه الدرجة من سعادة الناس... لماذا أنتم مهووسون جدًا بـ إظهار الحزن والدموع بدلاً من السعادة؟". مضيفا: "المجتمع الإيراني متعب ومرهق وحزين. فليكن سعيدًا لبعض الوقت، حتى لو كان الشعور كذبًا واصطناعًا وعابرًا".
وأصبح الرجل المسن المليء بالحياة، صادق باقري، البالغ من العمر سبعين عامًا، المعروف باسم "صادق بوقي"، رمزًا للسعادة المكبوتة والمقاومة ضد نمط الحياة الذي يفرضه النظام بعد انتشار مقطع فيديو وهو يرقص بفرح كبير بين جمع من الناس.
وبعد رد فعل النظام ضده امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية بمقاطع فيديو لأفراد، شبانًا وشيوخًا على حد سواء، يقلدون رقصته تضامنا مع هذا الرجل المسن.
جدير بالذكر أن الرقص يعتبر "فجورًا" من منظور الأصوليين المتشددين في إيران، ويصنفونه على أنه سلوك غير مقبول على الإطلاق بعد ثورة 1979، خاصة الموسيقى الشعبية. فحل مصطلح "الحركات الموزونة" محل الكلمة العربية "رقص"، والتي تم استخدامها لعدة قرون في اللغة الفارسية العامية.
وتعارض المؤسسة الدينية الأصولية، المرتبطة بشكل وثيق بالمتشددين السياسيين، بشدة معظم أشكال الموسيقى، وخاصة موسيقى البوب.
ونتيجة لذلك، أصبح الرقص شكلاً من أشكال الاحتجاج ضد النظام، حتى أن عائلات ضحايا العنف الحكومي قاموا بنشر مقاطع فيديو لرقصاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار فيروز زاهد إلى أن المجتمع الإيراني اليوم أكثر حزنا واكتئابا وتأزما مما كان عليه قبل عقدين من الزمن بسبب القيود التي تفرضها السلطات ضد المواطنين.
وقبل إثارة قضية الرقصة، ورد فعل النظام، كان لدى باقري بضعة آلاف من المتابعين على إنستغرام. أما الآن فيتزايد عدد متابعيه كل دقيقة، وقد وصل عددهم إلى مليون منذ أن أغلقت شرطة الإنترنت الإيرانية حسابه على إنستغرام لبضعة أيام بعد مقاطع الرقص المنشورة على صفحته.
وقد أظهره أحد مقاطع الفيديو وهو يغني بلغته الأم الجلكية المنتشرة شمالي إيران، خارج متجر بيع السمك الخاص به في رشت، وهي مدينة ساحلية شمال البلاد، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحذف النظام جميع المقاطع والمنشورات من صفحة باقري بعد إغلاقها، كما أغلق حسابات أخرى شاركت مقاطع فيديو للرجل الإيراني المسن، مشيرة إلى أن المقاطع تحمل "محتوى إجرامي" على الرغم من عدم وجود كلمات سياسية أو خادشة للعرف في الأغاني. كما تحدثت بعض التقارير عن اعتقالات إثر تقليد رقصة باقري.
وكتبت صحيفة "فرهيختگان" المحافظة والمقربة للنظام اليوم في تقرير بعنوان "كيف تحولون المطربين إلى متمردين" حول العديد من مقاطع الرقص التي يتم إنتاجها ونشرها باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم " المقاومة" ضد السلطات. وقالت الصحيفة بسخرية: "حقا، هذا إنجاز!".
وأضافت الصحيفة: "الذين أغلقوا حساب صادق بوقي ليسوا على دراية بالآلية الاجتماعية. إنهم سعداء الآن لأنهم أدوا واجبهم الديني، حيث يعتقدون أنهم أسقطوا ممثل الإمبريالية العالمية على ركبتيه بسوق السمك في رشت عبر إيقاف الرقص".