قال العديد من الطلاب الإيرانيين المتفوقين لـ "إيران إنترناشيونال": إنه على الرغم من قبولهم في الجامعات الأميركية المرموقة، فإن هذا البلد يعطل منحهم التأشيرات، وهناك المئات من الحالات المماثلة الأخرى.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لـ "إيران إنترناشيونال"، إنها تواصل محاولاتها تقليص مدة التحقيقات الإدارية.
وقال ستة من كبار الطلاب الإيرانيين، الذين لم يرغبوا في الكشف عن أسمائهم، لـ "إيران إنترناشيونال"، إنهم تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة منذ ستة أشهر وحتى 14 شهرًا، لكنهم واجهوا تأخيرات طويلة في إصدار تأشيرات الدخول إلى هذا البلد.
كما قال بعض أساتذة الجامعات الإيرانيون، في أميركا، إن هذا الوضع غير مسبوق.
وقد يؤدي التأخير في إصدار التأشيرة الأميركية إلى ضياع فرصة مواصلة التعليم لهؤلاء الطلاب.
هذا وقد تمكنت "إيران إنترناشيونال" من الوصول إلى مجموعة "تليغرام" تظهر معلوماتها أن ما لا يقل عن 700 طالب إيراني يعانون مشكلة مماثلة.
وبسبب قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأميركا بعد الهجوم على السفارة الأميركية واحتلالها في طهران عام 1979م، يتعين على هؤلاء الطلاب الذهاب إلى السفارات الأميركية في الدول المجاورة لإيران، مثل أرمينيا، أو الإمارات العربية المتحدة، للحصول على تأشيرات، وهذه الرحلات تزيد من تكلفة الدراسة المرتفعة في أميركا للطلاب الإيرانيين.
وبحسب العديد من الطلاب، فإن عملية التقديم للقبول الجامعي والتأشيرة تكلف في المتوسط 150 مليون تومان.
يذكر أن الحصول على التأشيرات أصبح أكثر صعوبة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، حيث وافقت الحكومة الأميركية على مشروع قانون "تعزيز أمن الحدود وتعديل قانون التأشيرات".
وبموجب مشروع القانون هذا، فإن طلبات التأشيرة المقدمة من مواطني الدول، التي تعترف الولايات المتحدة بأنها راعية للإرهاب، يجب أن تخضع لمزيد من التحقيق الأمني.
ومنذ بداية عام 1984م، أدرجت الولايات المتحدة النظام الإيراني في قائمة الأنظمة الداعمة للإرهاب.
وفي هذا الصدد، قال ديفيد غلوكمان، محامي الهجرة في أميركا، لـ "إيران إنترناشيونال": "هذه المشكلة خاصة بالطلاب الإيرانيين فقط. لقد واجهت حالات مماثلة من جنسيات أخرى، لكن بالنسبة لتأشيرة الطلاب، فإن جميعهم تقريبًا إيرانيون".
وليس من الواضح أي من ملفات طلبات الحصول على تأشيرة الطلاب الإيرانيين يجب أن تتم مراجعتها بشكل أكبر، ولكن وفقًا لموقع وزارة الخارجية الأميركية، يتم حل معظم الملفات في غضون 60 يومًا.
وتقول الخارجية الأميركية إنه إذا تجاوزت مدة انتظار طالب التأشيرة 180 يومًا، فمن حقه تقديم شكوى ومتابعة الإجراءات القانونية.
وأضاف غلوكمان: "يحتوي مشروع قانون الإجراءات الإدارية (في الولايات المتحدة) على قسم يقضي بأن الإدارات (في هذا البلد) مطالبة باتخاذ قرار خلال فترة زمنية معقولة؛ لذلك، إذا أخرتك وزارة الخارجية أو أية وكالة اتحادية أخرى كثيرًا، فيمكنك مقاضاتها بموجب مشروع القانون هذا".
وأكد: "كان التعامل مع هذه الظروف أسهل. المراجعة الإدارية لا تستغرق وقتًا طويلًا. لكن منذ إدارة دونالد ترامب تقريبًا، وبالتأكيد منذ بداية إدارة جو بايدن، أصبح الوضع أسوأ فأسوأ".
وأضاف: "لقد اضطررت إلى رفع المزيد من الدعاوى القضائية، في الأشهر الأخيرة، أصبحت وزارة الخارجية أكثر صرامة، ولم تعد المتابعة القانونية فعالة كما كانت من قبل".
عواقب مشكلة التأشيرة في الجامعات الأميركية
وتظهر تحقيقات "إيران إنترناشيونال"، أن الغموض في إصدار تأشيرات الطلاب، من ناحية، تسبب في إضاعة الطلاب للوقت في إيران، ومن ناحية أخرى، أثر بشكل مباشر على الجامعات والأساتذة المنتظرين في أميركا.
وقال أمير آقا كوجك، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا إيرفاين، لـ "إيران إنترناشيونال": إن رسوم الطلاب المقبولين يتم دفعها من المشاريع البحثية في الجامعة.
وبحسب قول هذا الأستاذ الجامعي، إذا لم يصل الطالب إلى أميركا في الوقت المحدد، فلن يتم تنفيذ المشروع، وقد يتم إعادة الأموال التي تحصل عليها الجامعة بهذه الطريقة.
وأكد أن عدم قدوم الطلاب إلى الجامعة يمثل بالتأكيد مشكلة لأساتذة الجامعة، ويخلق لهم مشاكل إدارية ومالية.
وبحسب إحصائيات معهد التعليم الدولي، وهو منظمة تسجل إحصاءات الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، يدرس حاليًا في الولايات المتحدة أقل من 11 ألف طالب إيراني.
وقد انخفضت هذه الإحصائية بنسبة 15% مقارنة بعام 2017 لأسباب مختلفة، ويمكن أن يؤدي التأخير في إصدار التأشيرات إلى تعزيز هذا الاتجاه التنازلي.
وأضاف آقا كوجك، أنه في الماضي، كان أساتذة الجامعات الأميركية يؤمنون بقدرة الطلاب الإيرانيين، ولكن مع عملية التأخير في إصدار التأشيرات لهم، تأثرت أيضًا قرارات هؤلاء الأساتذة بشأن قبول الطلاب الإيرانيين، وقد لا يتمكن الطلاب الإيرانيون حتى من الحصول على القبول.
واستنادًا إلى تجاربه السابقة، قال آقا كوجك: إن إصدار التأشيرات الأميركية للطلاب الإيرانيين يعتمد كثيرًا على التطورات السياسية في البلدين، وكلما انخفضت التوترات بين إيران والولايات المتحدة، أصبح إصدار التأشيرات للطلاب الإيرانيين أسهل.
وأكد أن مثل هذا الوضع لم يحدث قط، حتى خلال رئاسة ترامب.
وبموجب القانون الأميركي، يحظر التمييز على أساس العِرق واللون والأصل القومي في مؤسسات مثل الجامعات، التي تتلقى مساعدات مالية اتحادية.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على مؤسسات التعليم العالي احترام مبدأ تكافؤ الفرص، بغض النظر عن الجنس والعرق والجنسية.
لا يوجد تفسير واضح للتأخير
وبحسب تصريحات الطلاب، الذين قابلتهم "إيران إنترناشيونال"، فإن الموظفين الأميركيين العاملين في قسم التأشيرات بقنصليات الولايات المتحدة، والذين يجرون مقابلات مع الطلاب، يتعاملون مع ملفاتهم "بشكل مزاجي".
ويقول هؤلاء الطلاب: إن بعض هؤلاء الموظفين أكثر صرامة، والبعض الآخر أسهل في التعامل مع طلبات التأشيرة، كما أشاد البعض بالسجل الأكاديمي لهؤلاء الطلاب.
العوامل التي يمكن أن تؤثر على هذه العملية
وقال أحد الطلاب الإيرانيين في أميركا، والذي يدرس للحصول على درجة الدكتوراه، لكنه لم يرغب في الكشف عن هويته، بسبب مخاوف بشأن وضع إقامته، لـ "إيران إنترناشيونال": إن أحد الأشياء التي يُقال إن لها تأثيرًا على إصدار التأشيرات الأميركية هي "مسألة الخدمة العسكرية"؛ حيث تم إعفاء هذا الطالب وغيره من المتقدمين للحصول على التأشيرة، والذين قابلتهم "إيران إنترناشيونال"، من الخدمة العسكرية.
يُشار إلى أن الحرس الثوري الإيراني مدرج على قائمة الجماعات الإرهابية لوزارة الخارجية الأميركية، وسبق أن تم نشر تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة لا تمنح تأشيرات دخول للأشخاص الذين أتموا الخدمة العسكرية الإلزامية في الحرس الثوري.
وهذا القيد، الذي بدأ في عهد ترامب، استمر في عهد بايدن. وفي العام الماضي، نفت وزارة الخارجية الأميركية، ردًا على "إيران إنترناشونال"، أنباء رفع حظر التأشيرة عن أولئك الذين أدوا الخدمة العسكرية الإجبارية في الحرس الثوري الإيراني، ونفت الولايات المتحدة أنباء إلغاء الحظر على تأشيرات الدخول للجنود السابقين في الحرس الثوري.
وقال طالب الدكتوراه الإيراني أيضًا إن هناك قضية أخرى يتم التحقيق فيها، وهي المجال الذي يتقدم الطالب للدراسة فيه.
وتوجد في أميركا قائمة تسمى "قائمة التقنيات الحساسة"، وإذا تقدم الطالب للدراسة في أحد المجالات الموجودة في هذه القائمة، فسيكون من الصعب عليه الحصول على تأشيرة دخول.
ولم يتم إدراج تخصصات الطلاب الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير، ومتابعات هؤلاء الطلاب عبر السفارات والجامعات وحتى أعضاء مجلس الشيوخ في الولاية لم تؤدِ إلى نتيجة، وقد قامت "إيران إنترناشيونال" بمراجعة بعض هذه المراسلات والتأكد من صحتها.
كان عدد كبير من الأساتذة والأكاديميين، قد تفاعلوا، في الأسابيع الأخيرة، مع التأخير في إصدار تأشيرات الطلاب عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأعربوا عن قلقهم إزاء ذلك.