يتعرض جو بايدن لضغوط متزايدة لتقديم رد مناسب على الجماعات المدعومة من إيران، وذلك بعدما هاجم مسلحون قاعدة الجيش الأميركي في الأردن، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين..هل يكون هذا الحدث نقطة اللاعودة؟ هل الشرق الأوسط على وشك الانفجار؟
لقد عرّضت هجمات 7 أكتوبر(تشرين الأول) التي شنتها حماس على إسرائيل، الشرق الأوسط بأكمله لكارثة، وبعد أربعة أشهر، قد يكون الصراع المباشر بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني وشيكًا الآن، لكن مثل هذا الانفجار الهائل للتوترات في المنطقة من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية.
وردا على التطورات الأخيرة، كتبت صحيفة "الغارديان" أن أعمال العنف من البحر الأحمر إلى العراق وسوريا ولبنان تصاعدت حتما خلال الأشهر الأربعة الماضية. تلك الأعمال التي تقوم بها بشكل رئيسي الميليشيات الموالية للفلسطينيين بدعم من إيران.
نقطة اللاعودة
وفي 28 يناير، هاجمت مجموعة من المسلحين قاعدة للجيش الأميركي في الأردن، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين وجرح عدد آخر. وبعد ساعات، حدد جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، إيران باعتبارها المذنب الرئيسي في هذا الهجوم.
وتصر إيران على أنه لم يكن لها أي دور في هذا الهجوم، لكن هذا النظام لديه تاريخ طويل في دعم وتدريب وتسليح قوات الميليشيات العميلة؛ وهي السياسة التي بدأها قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ولهذا السبب، فإن قلة من السياسيين في واشنطن يصدقون مثل هذه الادعاءات.
ما الهدف الاستراتيجي للنظام الإيراني في المنطقة؟
الهدف الاستراتيجي للنظام الإيراني هو طرد القوات الأميركية من قواعدها في العراق وسوريا ودول الخليج الأخرى، وأخيرا إنهاء وجود الولايات المتحدة في المنطقة التي يسعى هو للسيطرة عليها.
ومن ناحية أخرى، فإن رعب هجمات 7 أكتوبر والرد العسكري لإسرائيل بدعم من الولايات المتحدة قد وفر فرصة استثنائية لتعزيز أهداف إيران.
ماذا ستقرر حكومة بايدن؟
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهجوم على القاعدة العسكرية الأميركية في الأردن كان من تدبير إيران أم لا؟
بمعنى آخر، من الممكن أن تكون إيران أو حلفاؤها قد أخطأوا في حساباتهم واتخذوا عن غير قصد تلك الخطوة المصيرية والمخيفة.
وأضافت "الغارديان" أن هذا أمر بالغ الأهمية لأنه يمكن أن يحدد حجم ونطاق الرد الذي وعد به بايدن.
وإذا استنتج الأميركيون أن ضرر الهجوم المسلح على القاعدة العسكرية الأميركية في الأردن ليس ضخما، فقد يقصرون ضرباتهم الانتقامية على القواعد التي بدأ منها الهجوم، ولكن إذا قرروا على افتراض أن الميليشيات كان لديها إمكانية الوصول إلى معلومات موثوقة لمهاجمة القاعدة العسكرية الأميركية، فإن رداً شديداً ينتظر المهاجمين وربما إيران وأراضيها.
وكما أظهر سلوك التحالف اليميني المتطرف في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو في حرب غزة، فإن الحسابات السياسية تلعب دوراً في اتخاذ هذا القرار بقدر ما تلعبه الضرورات العسكرية.
أداء بايدن الضعيف تجاه إيران
وكما يزعم دونالد ترامب، المنافس المحتمل لبايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن تصرف بايدن كان ضعيفاً ردًا على الهجمات السابقة على القواعد والمواقع الأميركية في الشرق الأوسط.
وحاولت إدارة بايدن إرضاء إيران في المحادثات المتعلقة بالقضايا النووية وتبادل السجناء.
وتوقعت صحيفة "الغارديان" أنه عشية المعركة الانتخابية سيخسر بايدن في ظل الظروف الحالية لأنه قد لا يتمكن من تحمل الضغوط.
ووفقا لحجج مستشاري بايدن، فإن إيران، على الرغم من خطابها العدائي، لا تسعى إلى الحرب مع الولايات المتحدة لأنها تعلم أن مثل هذه الحرب ستكلفها غاليا.
وبحسب تقرير "الغارديان"، فإن نتنياهو واليمين المتطرف في إسرائيل، بعد هجمات 7 أكتوبر(تشرين الأول)، يساعدان طهران بطريقة ما على تحقيق أهدافها، وتحريض الحكومات العربية المعتدلة والرأي العام ضد الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه إحراج الحلفاء الأوروبيين مثل بريطانيا.
وبعد السابع من أكتوبر(تشرين الأول)، أخطأ بايدن في حساباته عندما قدم دعما أميركيا غير مشروط لإسرائيل.
فقد أعطى بايدن السلطة الكاملة لنتنياهو علنا.
والآن قد يرتكب بايدن خطأً مرة أخرى، لكنه سيواجه هذه المرة عواقب أفظع.
إن المواجهة العسكرية المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران ستكون كارثة كبرى. ومثل هذه المواجهة من شأنها أن تطيل أمد الصراع في غزة ومن المؤكد أستؤدي إلى هجوم شامل من جانب حزب الله على إسرائيل.
ومن ناحية أخرى، يمكن لهذه المواجهة أن تحول الصراعات المحلية في العراق وسوريا إلى جحيم مشتعل وزعزعة استقرار الأنظمة في مصر والأردن والخليج، التي تتفاعل مع الغرب.
الانقسام في الديمقراطيات الغربية
إن المواجهة التي لا يمكن التنبؤ بها بين الولايات المتحدة وإيران قد تؤدي إلى انقسام في الديمقراطيات الغربية.
في مثل هذه الحالة، من المحتمل جداً أن تدعم لندن واشنطن، وقد تعطي دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا الأولوية لإقامة علاقات دبلوماسية مع طهران.
الصين وروسيا وإسرائيل
وفي مثل هذا الوضع، من ناحية، سوف تجد الصين فرصة جيدة لتعزيز طموحاتها الجيوسياسية والمناهضة للديمقراطية، ومن ناحية أخرى، سوف تتقدم روسيا في عدوانها العسكري ضد أوكرانيا.
علاوة على كل هذا، ستكون هذه المواجهة بمثابة هدية لنتنياهو، الذي دعا منذ فترة طويلة إلى القيام بعمل عسكري عقابي ضد إيران.
وكتبت صحيفة "الغارديان" أن الهجوم على إيران لا يحقق الهدفين الأساسيين المتمثلين في حماية أمن الغرب وتغيير سلوك الملالي: "في الواقع، مثل هذا القرار سيكون له نتيجة عكسية".
حل الدولتين
ووفقا لصحيفة "الغارديان"، فإن مسار العمل الأكثر أمانا وحكمة هو أن يطالب بايدن على الفور بإنهاء القصف الإسرائيلي على غزة.