كشفت مراجعة إحصاءات الجمارك الإيرانية، عن أن طهران استوردت، خلال السنوات العشر الماضية، قطع طائرات ومُسيَّرات بـ 236 مليون دولار، على الرغم من وجود هذه القطع ضمن السلع المشمولة بالعقوبات الأميركية.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية من مُصنعي بعض هذه القطع، كما كانت دول أوروبية، بما فيها أوكرانيا، أيضًا من مصدري هذا النوع من المعدات العسكرية لإيران.
وحسب المعلومات الجمركية، التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، فإن صادرات إيران هذه القطع بلغت 26 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الإيراني الحالي، بعد أن كانت صادراتها تقترب من الصفر في عام 2010؛ حيث كانت دولة مستوردة فقط.
رحلة استيراد قطع الطائرات المُسيّرة خلال 10 سنوات
وأشارت إحصاءات الجمارك في إيران، إلى أنه في الفترة من عام 2013 إلى الأشهر الثمانية الأولى من العام الإيراني الجاري، تم استيراد ما مجموعه 236 مليون دولار من هذه القطع إلى إيران. ووصل استيراد هذا المنتج إلى أدنى مستوى له عام 2015، أي نحو 300 ألف دولار، لكنها نمت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين.
وفي الأشهر الثمانية الأولى من العام الإيراني الماضي، تم استيراد 24 مليون دولار من "أجزاء وقطع محركات الطائرات" إلى إيران، بحسب تقرير الجمارك الإيرانية، وقد وصل هذا الرقم إلى 39 مليون دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي (انقضت منه 11 شهرا تقريبا)، والذي يظهر زيادة قدرها 61٪.
ونشرت وزارة الخزانة الأميركية، في يونيو من العام الماضي، دليلاً مؤلفًا من 11 صفحة، حول صناعة الطائرات المُسيّرة في إيران، محذرًا من التي تستخدمها طهران لصنع طائراتها بدون طيار، والتي قد يخضع بعضها لعقوبات أميركية.
ويوجد في الصفحة 5 من هذا الدليل جدول يضم 13 منتجًا يتم استخدامها في تصنيع الطائرات بدون طيار في إيران. ويشرح هذا الجدول أيضًا رمز التعريفة الجمركية (رمز HTS لجدول التعريفة المنسقة) للبضائع؛ ويُستخدم هذا الرمز دوليًا في المعلومات الجمركية وكل سلعة تباع في التجارة الدولية تخضع لرمز التعريفة الجمركية الدولي.
ويرتبط رمز التعريفة 840710 بـ "أجزاء وقطع محركات الطائرات".
الدول الرئيسية في تصدير قطع الطائرات المسيرة
كانت تركيا وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة والصين مصدرًا لـ 75 بالمائة من إجمالي واردات مكونات وقطع محركات الطائرات المسيرة إلى إيران منذ عام 2012 إلى الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023.
وخلال هذه الفترة، استوردت إيران معدات من تركيا بـ 52.8 مليون دولار، ومن هونغ كونغ 50.9 مليون دولار، ومن الإمارات العربية المتحدة 43.7 مليون دولار، ومن الصين 8.8 مليون دولار، وبالإضافة إلى هذه الدول، فإن العديد من الدول الأوروبية كانت أيضًا من بين مصدري هذه القطع إلى إيران.
ألمانيا وأوكرانيا في صدارة الدول الأوروبية المصدرة لقطع الطائرات المُسيّرة إلى إيران
وتحتل ألمانيا الصدارة في تصدير قطع صناعة الطائرات الإيرانية المسيرة، وتليها أوكرانيا ثم سلوفينيا.
واستورت إيران من أوكرانيا بنحو مليونين و100 ألف دولار من إجمالي واردات هذه المعدات، وذلك على الرغم من تأكيد كييف أنها تتعرض لهجمات روسية مستمرة تستخدم خلالها الطائرات المُسيُرة الإيرانية، وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في 12 فبراير الجاري، إنه تم إسقاط ما يقرب من 360 طائرة إيرانية بدون طيار في أوكرانيا منذ بداية هذا العام.
كما استوردت طهران هذه المعدات من أمريكا أيضًا بأكثر من 50 ألف دولار.
إيران تتحول إلى دولة مصدرة بعد عقد من الاستيراد
من ناحية أخرى، فإن إيران، التي كانت مستوردة لهذه المعدات حتى عام 2021، أصبحت فجأة مصدرًا لها، وبلغت صادرات مكونات وأجزاء محركات الطائرات، نحو 26 مليون دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام الإيراني الجاري، بعد أن كانت صفرًا تقريبًا في عام 2010.
وكانت الوجهة الأولى لتصدير أجزاء محركات الطائرات خلال هذه الفترة هي فنزويلا؛ حيث تم تصدير معدات بنحو 20 مليون دولار إلى كراكاس؛ أي ما يعادل نحو 37% من إجمالي صادرات هذه المعدات. وتأتي بعد ذلك طاجيكستان بنحو 14.4 مليون دولار، وإثيوبيا بنحو 8.6 مليون دولار.
ويقول خبراء أمنيون وعسكريون إن أحد أسباب فشل جهود الدول الغربية حتى الآن في منع تطوير صناعة الطائرات بدون طيار في إيران أن القطع المستخدمة في المُسيّرات التي تصنعها إيران، متعددة الوظائف، بالإصافة إلى الاستعانة بمصادر خارجية لتصنيع هذه الطائرات، ووساطة الشركات الأجنبية لاستيراد هذه القطع.
وقال نائب مدير وحدة التجارة العالمية في إدارة الأبحاث بوزارة الأمن القومي الأميركية، جيم مانكوس، في 8 فبراير (شباط) الجاري، إن حطام الطائرات الإيرانية بدون طيار، التي عُثر عليها في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تحتوي على مكونات أميركية حساسة.
وقال الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية فرزين نديمي: إن "جزءًا من هذه القطع- بما فيها شمعة الإشعال للسيارات- يتم استخدامها في صناعة هذه المُسيّرات، ولهذا لا يعرف بالتحديد مجال استخدام هذه القطع؛ لأنها تُستخدم أيضًا في مجال إنتاج المُسيّرات الترفيهية والصناعية مثل طائرات رش المبيدات الزراعية".
ووفقا لما قاله هذا الخبير العسكري فإن الشركات العاملة في هذا القطاع يمكنها استيراد هذه القطع بسهولة إلى داخل إيران بسبب المجالات المتعددة لاستخدامها، حتى أنها تستعين بالشركات الصينية الوسيطة التي تشتري القطع من الولايات المتحدة الأميركية.
وهناك العديد من الشركات الخاصة الناشطة في مجال صناعة الطائرات المُسيّرة، ويطلق عليها مسمى "الشركات المعرفية" (القائمة على المعرفة)، كما أن هناك في إيران اتحادًا لهذه الشركات الخاصة يضم 305 شركات.
وفي السادس من فبراير الجاري نشرت مجموعة قرصنة إلكترونية بعد اختراقها خوادم شركة "تندر صحرا" الإيرانية الخاصة، وثائق تظهر تعاملها مع روسيا في مجال صناعة الطائرات المُسيّرة.