كشفت وثيقة قدمتها مجموعة القرصنة "عدالة علي" إلى "إيران إنترناشيونال" أنه بعد احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قامت وزارة الاستخبارات في إيران بوضع عدة إجراءات لمضايقة موظفي قناة "إيران إنترناشيونال" وعائلاتهم على جدول أعمالها، من أجل مواجهة دور القناة في تغطية الاحتجاجات.
في الوقت نفسه، كانت "إيران إنترناشيونال" على علم بالضغوط الأمنية التي يتعرض لها الموظفون وأفراد أسرهم، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن وثيقة في هذا الصدد.
في هذه الرسالة "السرية للغاية"، التي وقعها المدير القانوني والقضائي لمكافحة التجسس بوزارة الاستخبارات، والموجهة إلى المدعي العام والثوري في طهران، ورد أنه تم استدعاء 15 شخصاً من عائلات موظفي "إيران إنترناشيونال" في جميع أنحاء البلاد إلى وزارة الاستخبارات، وتحذيرهم من مغبة تعاون أبنائهم المستمر.
وكما ورد في الرسالة، كان دافع وزارة الاستخبارات من هذه المضايقات هو "سلب الراحة النفسية" من موظفي "إيران إنترناشيونال".
خلال احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، التي اندلعت بسبب ارتفاع أسعار البنزين، حظيت "إيران إنترناشيونال" بتغطية شاملة للاحتجاجات، وعلى الرغم من إغلاق الإنترنت لمدة أسبوع، فقد استخدمت أساليب بديلة، بما في ذلك تقديم أرقام الهواتف، لتعكس أصوات المواطنين.
وتؤكد رسالة وزارة الاستخبارات المسربة أن أحد أساليب تعامل هذه الهيئة الأمنية مع قناة "إيران إنترناشيونال" هو حجب أرقام الاتصال الخاصة بالقناة.
وتمت الإشارة إلى تغطية "إيران إنترناشيونال" لهذه الاحتجاجات في رسالة وكيل وزارة الاستخبارات بعبارات مثل: "دعوة المواطنين إلى أعمال الشغب"، و"العمل على إظهار الجو العام في البلاد ملتهباً"، و"تشويه سمعة المرشد"، و"إشعال نار" الاحتجاجات.
ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد القتلى في احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، لكن وكالة "رويترز" للأنباء ذكرت نقلا عن مصادرها أن عدد القتلى بلغ 1500 شخص.
وجاء في كتاب وزارة الاستخبارات بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أن استدعاء عائلات موظفي "إيران إنترناشيونال" أدى إلى "زعزعة الاستقرار النفسي لموظفي القناة، وبدلا من التركيز على تغطية الاحتجاجات، ركزوا على تعامل الأجهزة الأمنية مع أهاليهم".
وبعد استدعاء عائلات موظفيها، وصفت "إيران إنترناشيونال"، في بيان لها بتاريخ 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، هذه الضغوط بأنها "عمل غير أخلاقي وغير إنساني وغير قانوني".
وتم التأكيد في هذا البيان على أن "النظام الإيراني يخشى التغطية الحرة، ومن خلال هذه الإجراءات يحاول خنق صوت وسائل الإعلام المستقلة".
وأعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن تضامنها مع الصحافيين الإيرانيين الذين "يواصلون عملهم رغم هذه المضايقات"، ودعت النظام الإيراني إلى الوقف الفوري لجهود ترهيب الصحافيين.
اشتداد الضغوط الأمنية بعد نوفمبر 2019
إن الضغط على الأهالي والقيام باستدعائهم إلى المؤسسات الأمنية، والذي رافقه بشكل أساسي تهديدات وطلبات لمنع أبنائهم من التعاون مع قناة "إيران إنترناشيونال"، استمر خلال السنوات الماضية، ولم يقتصر على الفترة التي تلت احتجاجات نوفمبر 2019.
وعلى مدار العقد الماضي، قامت وزارة الاستخبارات، واستخبارات الحرس الثوري الإيراني باستدعاء وتهديد عائلات العاملين في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية خارج إيران بشكل متكرر، بما في ذلك "بي بي سي" الفارسية و"من وتو".
وطلبت المنظمات التي تدافع عن حقوق وسائل الإعلام والحكومات التي تستضيف هذه الوسائل، مراراً، من النظام الإيراني وقف هذه الأعمال، لكن النظام واصل مضايقاته.
كما أشارت وزارة الاستخبارات في رسالتها الموجهة إلى المدعي العام لطهران إلى طلب نيابة الثقافة والإعلام حظر التعامل مع 71 موظفا في قناة "إيران إنترناشيونال"، قائلة إن هذا الإجراء تسبب في "الإخلال بالأمن النفسي والارتباك" لأعضاء القناة.
وتؤكد "إيران إنترناشيونال" أن أصول العديد من موظفيها قد تم تجميدها في إيران، وأنهم غير قادرين على نقل أصولهم بسبب هذه القيود.
إن التقرير الذي قدمه وكيل وزارة الاستخبارات في هذه الرسالة حول التعامل مع "إيران إنترناشيونال" لم يكن سوى حلقة واحدة في سلسلة الضغوط المتتالية التي يمارسها النظام الإيراني ضد هذه القناة.
وبعد أن شعر النظام الإيراني بالإحباط بسبب جهوده الخبيثة للتأثير على تغطية "إيران إنترناشيونال" للاحتجاجات في إيران، اتخذ إجراءات أكثر صرامة في السنوات اللاحقة.
وتزايدت التهديدات الأمنية ضد هذه القناة خاصة بعد تغطية الاحتجاجات بعد مقتل مهسا أميني، ووصلت إلى مرحلة "التهديدات الإرهابية".
وفي 18 فبراير (شباط) من العام الماضي، بعد هذه التهديدات الإرهابية، اضطرت قناة "إيران إنترناشيونال" إلى نقل بثها التلفزيوني مؤقتًا من لندن إلى واشنطن.
خلال إحدى هذه المحاولات "لتنفيذ عمليات إرهابية ضد "إيران إنترناشيونال"، تم التعرف على مواطن نمساوي من أصل شيشاني يُدعى محمد حسين دوتاييف، واعتقلته شرطة العاصمة في فبراير (شباط) 2023.
وكشفت مجموعة "عدالة علي"، التي قدمت هذه الوثيقة إلى "إيران إنترناشيونال"، عن وثائق سرية خاصة بالمؤسسات الأمنية والقضائية وغيرها من المؤسسات الإيرانية في العامين الماضيين، واخترقت كاميرات المراقبة في سجن "إيفين" مرتين.
وأعلنت مجموعة القرصنة، يوم الثلاثاء 20 فبراير (شباط) الحالي، أنها اخترقت خوادم السلطة القضائية للنظام الإيراني وحصلت على ملايين الملفات وعدد من الوثائق السرية.
وتزايدت هجمات القراصنة على مؤسسات ومنظمات النظام الإيراني بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتقوم مجموعات مختلفة بتنفيذ هذه الهجمات.