أعلن مجلس تنسيق النقابات المهنية للمعلمين في إيران انتحار طالبة، تُدعى آيناز كريمي، بقرية دريس التابعة لمنطقة كازرون، وذكر أن الطالبة أنهت حياتها بعد العنف والتهديد الذي تعرضت له من مديرة المدرسة، على خلفية ما اعتُبر "عدم التزام بالآداب العامة بسبب طلاء الأظافر وصبغ الشعر".
وأوضح المجلس، في تقرير صدر يوم الجمعة 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن آيناز كريمي، الطالبة في الصف الثاني عشر والمفعمة بالأمل في المستقبل، تعرضت لعنف وتهديدات من مديرة المدرسة، السيدة رحيمي، بسبب ما وصفته بـ"عدم الالتزام بالآداب" نتيجة طلاء الأظافر وصبغ الشعر.
وأضاف التقرير أن المديرة تواصلت مع شقيق الطالبة وطلبت منه إخراجها من المدرسة، وفي ظل الضغوط الأسرية الناتجة عن هذه التصرفات والعادات المحلية الصارمة، قررت الطالبة إنهاء حياتها.
وأشار المجلس إلى أن سلطات التعليم في كازرون والمسؤولين التزموا الصمت، بدلاً من الدفاع عن حقوق الطلاب، وفضلوا الحفاظ على مناصبهم.
كما تساءل المجلس عما إذا كان من الضروري، بدلًا من التستر على هذه المشكلات المتكررة، معالجتها واستئصالها من جذورها، قائلاً: "إن السياسات الأيديولوجية والقمعية في المدارس لا تهدد مستقبل الطلاب فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى فقدان حياتهم وتحطيم إرادتهم".
ودعا المجلس إلى إنهاء السياسات الأيديولوجية وإلغاء النظرة المتعالية على الطلاب، واحترام حرياتهم الفردية وحقوقهم الإنسانية، وأكد ضرورة تحويل النظام التعليمي من أداة للقمع والتحكم الأيديولوجي إلى نظام قائم على الإنسانية والمعرفة.
وقد انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مراسم دفن الطالبة آيناز كريمي في مدينة كازرون بمحافظة فارس، جنوبي إيران.
وقبل ذلك، أفادت وكالة "ركنا" الإيرانية، يوم الأربعاء الماضي 6 نوفمبر، بانتحار طالبة أفغانية تُدعى أريزو خاوري (16 عامًا) في مدينة ري بطهران، بعد تعرضها لضغوط من إدارة المدرسة لفرض الحجاب. وذكر والد الطالبة أن ابنته تعرضت للمضايقات بسبب ارتداء بنطال جينز بدلًا من الزي الرسمي.
وأشار إلى أن هذا لم يكن الحادث الأول؛ حيث تعرضت ابنته في العام الماضي لمضايقات عديدة لعدم تغطية شعرها بشكل كامل، وكانوا يهددون بمنعها من التسجيل في المدرسة.
وفي بيان لاحق، أكدت إدارة التعليم في طهران وفاة الطالبة الأفغانية وقالت إنها سقطت من مبنى سكني بعد مغادرة المدرسة، وتم نقلها إلى المستشفى، لكنها فارقت الحياة.
تجارب متكررة
عقب هذه الحوادث، استطلعت قناة "إيران إنترناشيونال" تجارب الإيرانيين حول الضغوط المفروضة على الفتيات في المدارس بخصوص الحجاب. وعبّر العديد من المواطنين عن تجاربهم السلبية وتعرضهم للضغط من قِبل الإدارات المدرسية، مشيرين إلى ضرورة توحيد الجهود لوقف هذه الضغوط.
وقال أحد المشاركين إن الخوف من مراقبة الإدارات المدرسية كان دائمًا موجودًا؛ حيث إن الطالبات يلجأن لارتداء الحجاب بسرعة خشية الطرد، وذكر آخر أن بعض المدرسين كانوا ينفذون التعليمات الرسمية بحماس أكبر من اللازم.
وفيما يرى البعض أن الأوضاع تحسنت نسبيًا مقارنة بالثمانينيات، أكد آخرون أن النظام التعليمي ما زال يشكل ضغطًا كبيرًا على الطلاب بسبب سياسات الحجاب، مطالبين بوقف التحقير المتكرر للطلاب وإتاحة حرياتهم الشخصية.
وتحدث مواطن لديه حفيدة في الصف الرابع عن شكاوى الطفلة من معلمتها بخصوص تغطية شعرها ولبسها، وقال إن هذه الممارسات تؤثر على تركيز الأطفال في الدراسة. وأشار إلى أن مثل هذه الضغوط تتسبب في هدر الوقت والمال، وتنتج عنها أضرار تعليمية وثقافية.
وأكد بعض المواطنين أن الضغط حول الحجاب وغيره من القيود التعليمية المتشددة يُفرض منذ عقود، مؤكدين أن بعض القيم التقليدية المتبعة تُعتبر تقييدية وغير مناسبة.
وأعرب أحد الآباء، الذي لديه ابنتان في المدرسة الثانوية، عن قلقه من أن النظام التعليمي في إيران أصبح شبيهًا بثكنة عسكرية، مما يؤثر سلبًا على نفسية الطلاب.
زيادة الضغوط على الطلاب
وقد وردت تقارير كثيرة، في الأشهر الأخيرة، عن تصاعد الضغوط على الطلاب لإجبارهم على الالتزام بالزي الإسلامي. وفي حديث مؤخرًا، أكد وزير التعليم الإيراني، علي رضا كاظمي، أن أولوية الوزارة هي إقامة الشعائر الدينية.