أعلن الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران وسوريا، سعيد عارف، إغلاق مصنع "سايبا" الإيراني في سوريا، والذي قُدرت تكاليف إنشائه بنحو 50 مليون دولار، وأوضح أن المصانع الأخرى التي أنشأتها إيران هناك لا تعمل أيضًا؛ بسبب "مشكلات تتعلق بالبلدين".
وأشار إلى أن إيران، رغم إنفاقها ما لا يقل عن 25 مليار دولار لدعم حكومة بشار الأسد، خلال الحرب الأهلية، لم تحقق مكاسب اقتصادية ملموسة من إعادة إعمار سوريا.
وصرّح عارف بأن مصنع "سايبا"، الذي كان المصنع الإيراني الوحيد في سوريا، قد توقف عن العمل تمامًا. وأضاف أن المشروعات الصناعية الأخرى، التي أسستها إيران في سوريا، لم تدخل حيز التشغيل؛ بسبب "مشكلات متعلقة بالبلدين"، وذلك تزامنًا مع زيارة علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى دمشق وبيروت.
ورغم ذلك، أكد عارف أن الشركات الإيرانية لا تزال تقدم خدمات في مجال البنية التحتية والصناعات الفنية والهندسية، مشيرًا إلى أنها نشطة في عمليات إصلاح البنى التحتية وتقديم الخدمات الفنية والتقنية الأساسية.
تاريخ مصنع "سايبا" في سوريا
بدأت فكرة مصنع "سايبا" في سوريا خلال عام 2004، في عهد الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2007، تم افتتاح خط إنتاج سيارات "برايد"، في حفل رسمي حضره الرئيس السوري، بشار الأسد، ورئيس الوزراء السوري، آنذاك محمد ناجي عطري، ووزير الإسكان الإيراني في ذلك الوقت، محمد سعيدي كيا.
وحملت الشركة اسم "سيڤيكو"، وتم تقسيم أسهمها بين شركة "سايبا" (80 %) والحكومة السورية (20 %)، واستهدف المصنع إنتاج 15 ألف سيارة سنويًا، مع قدرة إنتاج يومية تصل إلى 10 سيارات في الساعة.
المشروعات المتعثرة والاستثمارات المهدرة
ورغم الإعلان عن مشروعات أخرى، مثل مصنع "إيران خودرو" في سوريا عام 2009، فإن مصنع "سايبا" لم يتمكن من الاستمرار في العمل بشكل مستدام؛ حيث قُدرت تكاليف إنشائه بنحو 50 مليون دولار.
وعلى مدار السنوات الماضية، ظهرت أخبار متفرقة عن محاولات لإعادة تشغيل مصنع "سايبا" وغيره من المشروعات الإيرانية في سوريا، ولكن النتائج كانت دون المتوقع.
وفي عام 2020، أشار النائب السابق في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بیشه، إلى أن إيران أنفقت ما بين 20 و30 مليار دولار لدعم الحكومة السورية، قائلًا: "لقد أنفقنا أموال الشعب الإيراني هناك، ويجب أن نستعيدها".
وعلى الرغم من دور إيران العسكري والسياسي الكبير في بقاء بشار الأسد في السلطة، فإن هذا النفوذ لم يُترجم إلى مكاسب اقتصادية كبيرة.
وفي عام 2021، قدّر نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية، محمد أمير زاده، حصة إيران من الاقتصاد السوري بـ 3 في المائة فقط، مقارنة بحصة تركيا، التي بلغت 30 في المائة من التجارة السورية.
وأكد أمير زاده أن ضعف الدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية كان السبب الرئيس وراء هذا الفشل، وأن هذا الضعف حال دون تحقيق مكاسب حتى في القطاعات التي كان لإيران وجود قوي فيها.
ويعكس إغلاق مصنع "سايبا" بوضوح الفجوة الكبيرة بين الاستثمارات الضخمة، التي قدمتها إيران لدعم حكومة بشار الأسد، والعائد الاقتصادي الضئيل الذي حصلت عليه. ورغم كل هذه الجهود، لا تزال إيران تواجه صعوبات في تحويل نفوذها السياسي والعسكري إلى مكاسب اقتصادية في سوريا.